معاهدة الأمم المتحدة للبلاستيك فشلت لكن ربما يكون هناك جانب إيجابي!

هانا ديكسترا*

معاهدة البلاستيك العالمية التابعة للأمم المتحدة، التي كان يُفترض أن تكون الاتفاقية الدولية التي تنهي التلوث البلاستيكي، فشلت رسميًا. المفاوضات انهارت والدول وصلت إلى طريق مسدود. على الأقل، هذا ما قد تعتقده إذا اكتفيت بقراءة العناوين في وسائل الإعلام.

فعناوين الأخبار حول جلسة المفاوضات التي عقدت في جنيف خلال أغسطس جاءت كئيبة، مثل:

مصير معاهدة البلاستيك يكشف ضعف الإرادة العالمية

محادثات جنيف بشأن معاهدة التلوث البلاستيكي تنهار دون التوصل إلى اتفاق

وبالنظر السريع لهذه الأخبار، قد تظن أن الأمر انتهى بالكامل.

لكن لماذا ما زلت أنا والعديد من العاملين في هذا المجال متفائلين؟
ربما لأننا متفائلون ساذجون، أو ربما لأننا نرى ديناميكيات لا تصل دائمًا إلى العناوين الرئيسية. لنغوص في التفاصيل.

 

تذكير سريع بما هو على المحك

تهدف المعاهدة العالمية للبلاستيك لأن تكون أول اتفاقية دولية ملزمة قانونيًا لمعالجة الدورة الكاملة للبلاستيك، من الإنتاج والتصميم، إلى إدارة النفايات ومكافحة التلوث.

بدون معاهدة قوية، من المتوقع أن يتضاعف إنتاج البلاستيك ثلاث مرات بحلول عام 2060.

 

الوصول إلى جنيف

وصلتُ إلى جنيف تحت شمس ساطعة، وكان هناك شعور واضح بالتفاؤل. في اليوم الأول، كان المندوبون والمراقبون يتحدثون بحذر عن أملهم في عدم مغادرة القاعة بدون معاهدة.

بعد خيبة الأمل في مؤتمر بوسان، وعد كثيرون بألا تتكرر تلك النتيجة. بعضهم حتى اعتبر هذا الأسبوع لحظة تاريخية قد تُنهي التلوث البلاستيكي عالميًا.

لكن مع اشتداد موجة الحر في الصيف، اشتدت الخلافات بين الدول. أبرز القضايا الخلافية كانت:

هل يجب تحديد سقف لإنتاج البلاستيك أم الاكتفاء بتنظيمه؟

هل تكون الإجراءات إلزامية أم طوعية؟

كيف ستُمول الدول النامية عملية التنفيذ؟

حتى التعريفات الأساسية مثل: ما هو “التلوث البلاستيكي” كانت موضع خلاف.

النقاشات بدت وكأنها مباراة كرة طاولة بلا نهاية، ذهابًا وإيابًا دون أي اتفاق أو تنازل حقيقي.

 

الدراما في اللحظات الأخيرة

في 13 أغسطس، بلغت التوترات ذروتها.
في ذلك اليوم، أصدر رئيس الجلسة نصًا توافقيًا مفاجئًا دون استشارة مسبقة، حذف فيه مواد أساسية تتعلق بالصحة والإمدادات، وأضعف لغة التمويل.

انفجر المندوبون غضبًا، ورفضوا النص بشكل جماعي.
أحد المندوبين من بنما، خوان كارلوس مونتيري غوميز، صرخ قائلاً: “هذه ليست طموحًا، هذا استسلام.”

استمرت الاجتماعات حتى وقت متأخر من الليل. كان من المفترض أن تُعقد الجلسة النهائية في 14 أغسطس الساعة الثالثة عصرًا، لكنها تأجلت مرارًا حتى منتصف الليل تقريبًا.

في النهاية، عُقدت الجلسة في الخامسة والنصف صباحًا، لكن الكثير من المندوبين كانوا منهكين أو غائبين.

ثم حدثت الصدمة النهائية: أعلن رئيس الجلسة أن النص قد “رُفض”.
اعترضت بعض الدول، موضحة أنه لم يتم رفضه رسميًا، بل لم يتحقق الإجماع فقط. لكن قبل استمرار النقاش، طلبت الولايات المتحدة تأجيل الجلسة، ووافقت الكويت بحجة أن استمرار المناقشات سيشكل خطرًا على صحة المفاوضين.

وهكذا انتهت المفاوضات فجأة، بدون أي معاهدة.

 

فشل أم مجرد انتكاسة؟

يرى البعض ما حدث في جنيف كفشل ذريع:

فشل في التوصل إلى معاهدة.

فشل في الدبلوماسية الدولية.

فشل في القيادة.

لكن آخرين يعتقدون أن عدم وجود معاهدة أفضل من وجود معاهدة ضعيفة، وأن الاتفاقيات المتعددة الأطراف غالبًا ما تستغرق وقتًا طويلًا جدًا.

 

حجج المتشائمين

1. نفاد الوقت:
انتهى الإطار الزمني المحدد بعامين والذي بدأ عام 2022، والآن ندخل العام الثالث من المفاوضات.

2. الضغط المالي:
عشرات الملايين من الدولارات صُرفت على هذه المفاوضات، ولا أحد يضمن استمرار التمويل في المناخ السياسي الحالي.

3. فقدان الزخم:
وسائل الإعلام ستنتقل لمواضيع أخرى، والسياسيون سيفقدون الاهتمام، مما يؤدي إلى معاهدة أضعف مستقبلًا.

حجج المتفائلين

1. إعادة التنظيم:
من الواضح أن الإجماع لم يعد ممكنًا. هذا قد يفتح الباب لتغيير القواعد، وربما الانتقال إلى التصويت بالأغلبية في اجتماع جمعية الأمم المتحدة للبيئة في ديسمبر.

2. زيادة الوعي العالمي:
كل أسبوع هناك المزيد من الأبحاث والبودكاست حول آثار البلاستيك، خصوصًا الميكروبلاستيك وأضراره على الصحة وعلاقته بتغير المناخ.

3. تحرك الأطراف الفاعلة:
الشركات تعلم أن القوانين قادمة لا محالة، سواء عبر المعاهدة، أو قوانين الاتحاد الأوروبي، أو آليات أخرى.
المنظمات المجتمعية ستستمر في عملها الميداني بغض النظر عن توقف المفاوضات.

 

في الختام… لا ختام

نعم، غادرنا جنيف بدون معاهدة.
لكننا أيضًا لم نغادر بمعاهدة ضعيفة.

الأهم من ذلك، أصبح واضحًا أن الإجماع لم يعد مجديًا.
الخطوة المقبلة ستكون اجتماع ديسمبر، حيث يمكن أن تُغير القواعد للسماح بالتصويت بالأغلبية، وهو ما قد يكسر الجمود الحالي.

إذا حدث ذلك، ربما تنسحب بعض الدول من العملية.
لكن كثيرين يرون أن التقدم بمجموعة دول مستعدة لمعاهدة قوية أفضل من إجماع شكلي على معاهدة ضعيفة.

المقال الأصل هنا

اقرأ أيضاً