من الطبيعة.. مبيدات أقل تكلفة للمزارعين

أحمد عبد المنعم

في عام 2020 أنفق المزارع عبد الحكيم أمين مبلغ 250 ألف ريال (300) دولار لشراء مبيدات كيماوية وعضوية؛ لاستخدامها في مزرعته الواقعة في عزلة الشعوبة بمديرية المعافر في محافظة تعز، لكن في العام التالي استغنى عبد الحكيم عن معظم مشترياته من المبيدات الكيماوية والعضوية نتيجة تلقّيه بمعية 29 مزارع من مزارعي مديرية المعافر أوائل العام 2021 تدريباً عملياً لتحضير المبيدات الطبيعية واستخدامها في مزارعهم بدلاً عن المبيدات الكيماوية والعضوية.

يقول عبد الحكيم: “أزرع الكوسا، والطماطم، والبامية، ومحصول الذرة في مساحة تزيد عن ألفيّ متر مربع منذ 20 عاماً، كغيري من المزارعين في البلدة كنتُ أعتمد بشكل كامل على المبيدات الكيماوية والعضوية في مكافحة الحشرات، والآفات الزراعية التي تصيب مزروعاتي، لكنّ بعد أن تلقيّت تدريباً لتحضير المبيد الطبيعي؛ بدأتُ باستخدامه في المزرعة، وبات اعتمادي على المبيدات الكيماوية محدود “.

مبيد أقل تكلفة!

يشكو المزارعون في اليمن من ارتفاع أسعار المبيدات الكيماوية، وضعف كفاءتها نتيجة اكتساب الحشرات والآفات الزراعية مناعة منها ما يجعل المزارعين ينفقون أمولاً أكثر لشراء كميات مضاعفة، وأصناف مختلفة من هذه المبيدات بغية الحفاظ على مزروعاتهم.

وتشير البيانات الصادرة عن وزارة الزراعة والري في صنعاء إلى أنّ المبيدات الكيماوية والعضوية المستوردة ارتفعت بنسبة 221% في عام2021 عن العام 2020 فبينما كانت كمية المبيدات المستوردة عام 2020 (4,409,660) لتر/كجم، فإنها وصلت إلى(14,190,354) لتر/كجم عام 2021.

يستطرد عبد الحكيم: ” استطعت التغلب على مشكلة ارتفاع أسعار المبيدات الكيماوية وضعف كفاءتها باستخدام المبيدات الطبيعية”، المبيد الطبيعي تكلفته قليلة، وكفاءته عالية. في العام الماضي اعتمدت عليه بشكل شبه كلّي في مزرعتي. كلفنّي ذلك قرابة 20 ألف ريال (16) دولار، فيما أنفقت 100 ألف ريال(80) دولار لشراء بعض المبيدات العضوية الأخرى. لولا استخدامي للمبيد الطبيعي كان سيبلغ إنفاقي لشراء مبيدات كيماوية 400 ألف ريال (320) دولار. وفّر لي المبيد الطبيعي مبلغ 280 ألف ريال (224) دولار وخفّض من قيمة إنفاقي لشراء المبيدات بنسبة 70%”.

تدريب المزارعين

بدأت في عام 2019 عددٍ من المنظمات في محافظة تعز تدريب المزارعين على تحضير المبيدات الطبيعية واستخدامها في مزارعهم بدلاً عن المبيدات الكيماوية. فؤاد عبدالجليل- مهندس إنتاج نبات، ومُزراع في الوقت ذاته- درّب عن طريق المجلس النرويجي للاجئين، والمركز السويدي، وإدارة الإرشاد الزراعي في وزارة الزراعة والري والثروة السميكة، في الفترة ما بين 2019 و2023، عدد (2033) مزارعاً، ومرشداً زراعياً، على طرق تحضير المبيدات الطبيعية في مديريات: المعافر، وجبل حبشي، والمسراخ، ومشرعة وحدنان، والمخاء.

يقول فؤاد” بدأنا بتدريب المزارعين على تحضير المبيدات الطبيعية واستخدامها كبديل للمبيدات الكيماوية في مزارعهم، يتم تحضير هذه المبيدات من المستخلصات النباتية وأوراق وثمار الأشجار بدرجة أساسية، أبرز هذه المبيدات: مبيد شجرة “النيم” (الأزدرخت الهندي)، ومبيد مخلوط الثوم والفلفل مع الزيت والماء الحار، ومبيد مطحون القرفة (الدارسين). كل هذه المبيدات تشترك بطريقة تحضيرها البسيطة، وكلفتها القليلة، ونجاحتها في مكافحة الحشرات والآفات الزراعية”.

عن كيفية تحضير المبيد الطبيعي يتحدث فؤاد قائلاً “: أقوم بتجفيف أوراق شجرة “النيم” -الأزدرخت الهندي- وطحنها، أضع 250 غرام من المسحوق في إناء واسع يحتوي على 10 لترات من الماء مع إضافة 10 مليلتر من زيت الطبخ، أقوم بخلط وتحريك المركب كل ساعتين لمدة يومين، ومن ثم تنقيته من الشوائب. في الأخير أضع 100 مليلتر من المركب لكل 10 لتر من الماء وأبدأ برش مزروعاتي بأداة الرش مرة واحدة كلّ خمسة أيام.

أقل خطراً وأكثر فائدة

يترتب على استخدام المزارعين للمبيدات الكيماوية عدة أضرار على الإنسان والمزروعات والتربة، ويُضاعف استخدام هذه المبيدات بطريقة عشوائية الضرر أكثر. يقول أستاذ وقاية النبات بكلية الزراعة بجامعة عدن “عبد الباري سيف”: تؤثر المبيدات الكيماوية على صحة الإنسان عند تناوله للخضروات والفواكه المشبعة بها، خصوصا وأنّ معظم هذه المبيدات عادة ما تكون شديدة السمية، كما تؤثر هذه المبيدات الكيماوية على النباتات عبر إبادتها للحشرات النافعة التي تحتاج إليها، إضافة إلى إحداث تشوهات وتحورات في هذه النباتات كما تعمل المبيدات الكيماوية على تعزيز مناعة الحشرات والآفات الضارة في التربة، وبالتالي لجوء المزارعين إلى تكثيف استخدام هذه المبيدات وتفاقم المشكلة بشكل أكبر.

يُضيف: “يُمكن التخلص من المبيدات الكيماوية والأضرار الناجمة عنها عبر استخدام المبيدات الطبيعية المحضرة من المستخلصات النباتية، فبالإضافة إلى رخص ثمن هذه المبيدات، وسهولة تحضيرها فإنّ المبيدات الطبيعية لا تُحدث أضرارا على نمو النباتات، ولا ينتج عن استخدامها سلالات حشرية مقاومة، إضافة إلى أنها ذات سمية منخفضة مقارنة بالمبيدات الكيماوية وبالتالي فإنّ منافعها للمزروعات والإنسان والتربة أكبر من المبيدات الكيماوية”.

تجارب ناجحة!

برهان الكناني مهندس زراعي، ومزارع في الوقت ذاته، يستخدم المبيدات الطبيعية في مزرعته الواقعة بمديرية المعافر منذ ثلاث سنوات، يقول برهان: أزرع الطماطم والكوسا والبامية واليقطين في مزرعتي التي تبلغ مساحتها1450 مترا مربعا، استخدم المبيدات الطبيعية في المراحل الأولى للزراعة، ساعدتني المبيدات الطبيعية على التخلص من نصف كمية المبيدات الكيماوية التي كنت استخدمها، عدا عن أنّ هذه المبيدات أكثر نفعاً من المبيدات الكيماوية خصوصاً إذا تم استخدامها في المراحل الأولى لنمو النباتات.

“ماجد العزي” مزارع آخر بدأ باستخدام المبيدات الطبيعية في مزرعته بعزلة المذاحج في الشمايتين بعد تلقيه مع 149 مزارعاً آخر في المديرية تدريباً لتحضير المبيد الطبيعي عن طريق منظمة كير أواخر عام2021، يقول ماجد: “أزرع البصل، والثوم، والكوسا، والطماطم، والبسباس، والباذنجان، في مساحة 400 مترا مربعاً، لم استخدم المبيدات الكيماوية من قبل، كُنت أترك النباتات تقاوم الأمراض والآفات من تلقاء نفسها، كانت المزروعات تقاوم الآفات أحياناً وتموت في أحيان أخرى، في الوقت الحالي استخدم 3 أنواع من المبيدات الطبيعية، هذه المبيدات تزيل الفطريات ذات الشمع، وتقتل الحشرات الماصة للأوراق، وتجعل النباتات تنمو بسرعة.

 

تم إنتاج هذه المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي

اقرأ أيضاً