غضب الطبيعة شرق اليمن.. ماذا فعل إعصار تيج في المهرة وسقطرى؟

أصوات خضراء - هبـة التبعي

ضرب إعصار تيج القوي مناطق الساحل الشرقي في اليمن، محافظة المهرة وأرخبيل سقطرى على وجه الخصوص،  متسببا بخسائر بشرية ومادية وأضرار في التنوع البيولوجي بسقطرى.

تشكّل الإعصار وهو إعصار استوائي قوي، وسط جنوب بحر العرب ووصل إلى محافظة المهرة خلال الأيام 23 و24 من شهر أكتوبر الماضي مرورا بجزيرة سقطرى.

الإعصار يعتبر جزءًا من سلسلة أعاصير تشهدها المنطقة منذ عام 2015، ومع ذلك فهو الإعصار الأول الذي يصل إلى اليابسة في اليمن منذ إعصار “لبان” في عام 2018، ويعد إعصار “تيج” السادس في سلسلة المنخفضات الجوية والثالث الذي يتحوّل إلى إعصار قوي.

الخدمات العامة والجسور بما فيها الطرق الداخلية تضررت بنسبة 100% في الغيضة وحصوين
الخدمات العامة والجسور بما فيها الطرق الداخلية تضررت بنسبة 100% في الغيضة وحصوين

 

أضرار إنسانية 

تفيد تقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن الإعصار “تيج” قد أسفر عن حدوث حالة من الدمار والتأثير البشع في المناطق المتضررة. وفقًا لهذه التقارير، فقد توفي ما لا يقل عن 7 أشخاص جراء الإعصار، وأصيب 40 شخصًا آخرين، بينما تم نزوح أكثر من 11,900 شخص، من بينهم 6,188 طفل. وقد تم تعليق الدراسة في محافظة المهرة بسبب هذه الكارثة الطبيعية.

أما في جزيرة سقطرى، فقد تم الإبلاغ عن حالتين تعاني من إصابات طفيفة جراء الإعصار. وبالإضافة إلى ذلك، قد تم ترحيل حوالي 1,400 عائلة، بما في ذلك 628 طفلًا، بعد أن تركوا منازلهم. وقد تعرض 314 منزلاً بشكل كلي أو جزئي للتلف جراء هذه الكارثة. وللأسف، تضررت الطرق الرئيسية التي تربط الجزيرة الجنوبية بوسط سقطرى أيضًا، مما أدى إلى صعوبات في التنقل والوصول إلى المناطق المتضررة.

 

منخفض جوي يخلف دماراً في سقطرى .. ومخاوف من إعصار”بيبرجوي”

التنوع البيولوجي

في تصريحه، يشير ناصر عبدالرحمن، رئيس جمعية سقطرى للحياة الفطرية، إلى أن الإعصار تسبب في أضرار جسيمة في البنية التحتية، وبخاصة في الطرقات. ونتيجة لذلك، تعذّر على السلطات الصحية تقديم الدعم للأشخاص المتضررين وحماية الأرواح، وخاصة في الجانب الشرقي من الجزيرة حيث كانت قوة الأعاصير أكبر وأشد. وتسبب هذا الوضع أيضًا في انقطاع شبكة الاتصالات.

وفقًا لبلاغ صادر عن سكان منطقة “فرمهين” البرية، التي تم الإعلان مؤخرًا عنها كمحمية بقرار من رئيس الوزراء، فإن المحمية تعرضت لتأثيرات كبيرة جراء الإعصار. ونتيجة لذلك، سقطت عدد من أشجار دم الأخوين النادرة والعديد من النباتات الأخرى التي تعتبر فريدة في هذه المنطقة.

لحظات عصيبة عاشها أبناء سقطرى/ محمود فتحي

وفقًا لتصريح ناصر لمنصة “أصوات خضراء“:” أفاد الأهالي برؤيتهم عددًا من الشعاب المرجانية على الشاطئ، حيث تم جرفها بواسطة الأمواج وإلقائها على الشاطئ. وهذا يشكل تهديدًا على سبل عيش الصيادين وحالتهم المعيشية، نظرًا لأن الشعاب المرجانية تعتبر مراعي للأسماك وبيئة تكاثرها”. كما أشار ناصر أيضًا إلى غرق اثنتين من العبارات في الميناء.

أوضح رئيس جمعية سقطرى أن الظروف القائمة لم تسمح بالقيام بعمليات ميدانية لتقييم الأضرار وتحويلها إلى تقديرات دقيقة بالأرقام والنسب. ومع ذلك، ما زالت السلطات المحلية تبذل قصارى جهدها على الرغم من قلة الموارد المتاحة، من أجل تقديم الخدمات للمحتاجين والنازحين، ومعالجة المشاكل التي نتجت عن الإعصار.

تشكل الأعاصير تهديدا للتنوع البيولوجي في سقطرى.
تشكل الأعاصير تهديدا للتنوع البيولوجي في سقطرى.

 

اقرأ أيضاً هذا أهم ما نعرفه عن شجرة “دم التنين” في سقطري!

حصوين والغيضة

أفاد محمد الهارب، نائب مدير الإعلام في محافظة المهرة، بأن الأضرار التي لحقت بمديرتي حصوين والغيضة كانت ضخمة للغاية. حتى الآن، لا توجد سوى إحصاءات أولية بشأن هذه الأضرار. تم عقد اجتماع لجنة الطوارئ وتكليف لجنة خاصة بتقدير حجم الأضرار التي لحقت بالمحافظة.

وأضاف الهارب، وهو أيضًا الناطق الرسمي باسم لجنة الطوارئ في المهرة، أن الخدمات العامة والجسور تضررت بنسبة 100% في المديرتين، بما في ذلك الطرق الداخلية. بالإضافة إلى ذلك، تضررت خدمات المياه والكهرباء والاتصالات بنسبة 80%.

تعرضت جميع المزارع في مديرية حصوين لأضرار جسيمة، حيث جرفت الأعاصير العديد منها. وبحسب التقارير الأولية التي تم تقديمها إلى لجنة الطوارئ في المحافظة، فإن المديرية الغيضة تضررت بنسبة 70%وفقّا لعوض باشيعوث، المهندس البيئي في الهيئة العامة لحماية البيئة في المحافظة.

ويشير الهارب إلى أن إعصار “تيج” ضرب ثلاث مناطق ودمرها تمامًا في مديرية حصوين. وتشمل هذه المناطق الوادي، حرضنوت، وقديفوت. وتبقى قليلًا من المنازل في هذه المناطق، وهي خالية تمامًا من السكان.

وفي ختام حديثه لمنصة “أصوات خضراء”، يعبّر الهارب عن قلق سكان المهرة بشأن الآثار البيئية التي قد تترتب على إعصار “تيج” حتى بعد انتهائه. فقد يتسبب الإعصار في تكوّن المستنقات وتلوث المياه والتربة والهواء، وقد تنتشر الأمراض والأوبئة في المحافظة.

المهرة منكوبة

وفقًا لتصريحات عوض باشيعوث، فإن المدينة تعرضت لدمار هائل أدى إلى انهيار واضح في البنية التحتية، حيث تم تدمير 219 منزلًا تمامًا، وتضرر 985 منزلًا جزئيًا.

ووفقًا لباشيعوث، تسبب الإعصار في تدمير مصادر المياه للسكان، حيث تم تهدم بئرين تابعين لمشروع مياه حصوين وتدمرت الآبار المفتوحة.

وأضاف المهندس البيئي أن المحافظة فقدت العديد من مواشيها نتيجة للإعصار، حيث قتل حوالي 1400 ماعز، بالإضافة إلى 213 بقرة و 18 إبلة.

في حديثه، يشير باشيعوث إلى أن الزراعة هي المهنة الرئيسية التي يعتمد عليها معظم المواطنين في المهرة وفي اليمن بشكل عام. ومع ذلك، تسبب إعصار تيج في دمار مروع للحقول الزراعية وتهديد حياة الفلاحين ومصدر دخلهم. يظهر على ملامحه علامات الحزن والأسى على منطقته وسكانها.

تم جرف 40 مزرعة بفعل إعصار تيج في المهرة، مما يعني أن العديد من الأسر تأثرت بشكل كبير بفقدان مصدر دخلها الوحيد. بالإضافة إلى ذلك، تعرضت المساحات الزراعية المتبقية لأضرار جزئية.

ويستمر باشيعوث في حديثه قائلاً: “تم تدمير الطرق الرئيسية في مديرية حصوين بشكل كامل، مما عوقنا عن الوصول إلى المنطقة فور انتهاء الإعصار لتقدير الأضرار بسرعة”.

رغم توقف الإعصار، فإن الأضرار لا تزال تتفاقم يوماً بعد يوم. توفي جندي بسبب صعقة كهربائية، وانتهى بغرق فتاة في بركة مفتوحة بسبب الإعصار. وفي حادث مأساوي آخر، توفت امرأة حامل أثناء نقلها إلى المستشفى للولادة، وتعتبر الطرق المدمرة سبباً في فقدان حياتها.كما يقول باشيعوث.

من جانبه، أوضح صندوق الأمم المتحدة للسكان أن هناك أكثر من 30,000 امرأة حامل بحاجة ماسة إلى الخدمات الصحية المنقذة للحياة، وذلك نتيجة تدمير الإعصار “تيج” للطرق والمرافق الصحية والبنية التحتية في المناطق الساحلية جنوب اليمن.

اقرأ أيضاً