التحديات والحاجة الملحة لتطوير الصحافة الخضراء في اليمن

أصوات خضراء- إيناس الحميري

يخصص اليوم العالمي لحرية الصحافة هذا العام للصحافة البيئية، وهو مناسبة هامة لتسليط الضوء على الضرورة الملحة لتعزيز هذا النوع من الصحافة في اليمن، نظرًا للانهيار البيئي الذي تعاني منه البلاد، والذي تفاقمه الصراع المستمر لسنوات عديدة، بالإضافة إلى التحديات المتزايدة المتعلقة بأزمة التغير المناخي.

 

على الرغم من مرور وقت طويل، ما زال الصحفيون في اليمن يواجهون تحديات وصعوبات في ممارسة مهنتهم الصحفية. فالصحافة في اليمن لا تزال تعاني من عدم وجود تخصصات صحفية متخصصة، ويعود ذلك جزئيًا إلى نقص الدراسات الصحفية المتخصصة وعدم وجود خبراء يقومون بتقديم ورش عمل متخصصة للصحفيين في مجالات محددة، بما في ذلك مجال الصحافة الخضراء.

 

“الصحافة الخضراء في اليمن نادرة، وإذا وجدت فإنها لا تلبي تمامًا احتياجات التغيرات المناخية التي تشهدها البلاد”

مؤخرًا، بدأ الصحفيون اليمنيون بالسعي لتطوير أنفسهم رغم القيود المادية المحدودة. يقومون بالبحث والقراءة والدراسة ليصبحوا صحفيين متخصصين في مجالات معينة، بما في ذلك مجال الصحافة الخضراء.

هناك حاجة ملحة لزيادة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة واستخدام مواردها بشكل مستدام، والتفكير في الأجيال القادمة. يمكن أن تلعب توفير المعلومات الدقيقة والموثوقة حول قضايا البيئة دورًا هامًا في تعزيز اتخاذ إجراءات فعالة واتخاذ قرارات مستنيرة في هذا السياق.

 

صحافة نادرة

 

يشير الخبير “عبدالقادر الخراز” إلى أهمية وجود صحافة خضراء في اليمن، حيث يكون الهدف الرئيسي لها هو توعية المواطنين بالتكيف والمقاومة للتغيرات المناخية والتخفيف من آثارها. يجب أن تكون هذه الصحافة قادرة على نقل المعلومات العلمية بطريقة يستوعبها المواطن البسيط الذي ليس لديه خلفية تفصيلية عن التغيرات المناخية. تتمثل مهمة الصحافة في تعزيز الوعي ونشر المعرفة ونقل المعلومات بشكل مبسط.

ويضيف الخراز وهو استشاري دولي في تقييم الأثر البيئي والمناخي في حديث خاص لـ”أصوات خضراء“: ” أن الصحافة الخضراء في اليمن نادرة، وإذا وجدت فإنها لا تلبي تمامًا احتياجات التغيرات المناخية التي تشهدها البلاد. فمنذ عام 2015، شهدت اليمن أعاصيرًا وفيضاناتٍ مستمرة حتى الآن، ولكن غياب الإعلام والصحافة الخضراء أدى إلى قلة الوعي وعدم التواجد الإعلامي”.

يقول الخراز: إن الصحافة الخضراء يجب أن تلعب دورًا هامًا في تسليط الضوء على قضايا البيئة والتغيرات المناخية في اليمن، وذلك من خلال تغطية شاملة وموثوقة لهذه القضايا. يجب أن يتم تعزيز القدرات الصحفية للصحفيين في هذا المجال، وتوفير التدريب والورش العملية التي تساعدهم على فهم التحديات البيئية ونقل المعلومات بشكل فعال”.

 

طموح أخضر في واقع صادم

 

في سياق هذا التقرير، يشير الصحفي شهاب عفيف إلى اهتمام متزايد من قبل الصحفيين اليمنيين بتغطية قضايا التغير المناخي والبيئة. ويؤكد أن هذا الاهتمام يساهم في زيادة الوعي بالقضايا البيئية والتأثيرات الناجمة عن التغيرات المناخية التي تؤثر على اليمن وتزعج اليمنيين.

 

ويقول عفيف لـ”أصوات خضراء“: “تركزت الاهتمامات مؤخرًا حول هذه القضايا، ويمكن القول إن الصحافة لعبت دورًا كبيرًا في إظهار حجم الكارثة وكيف أن التغيرات المناخية تؤثر في اليمن منذ فترة مبكرة”.

ويضيف عفيف أن الصحفيين يواجهون العديد من التحديات أثناء تغطية قضايا البيئة عمومًا، والتغير المناخي بشكل خاص. وتشمل هذه التحديات عدم وجود مصادر رسمية يمكن أن تساعد الصحفيين وتقدم لهم الإحصائيات والدراسات والأبحاث الرسمية في هذا المجال. وثانيًا، ندرة المؤسسات الإعلامية المتخصصة في البيئة والمناخ، وهذا يعود إلى حقيقة أن اليمن يُعتبر واحدًا من البلدان الأكثر تأثرًا بظاهرة التغير المناخي ومن بين الدول الأقل قدرة على مواجهتها.

 

خطأ تكريس الصحافة للحرب

 

وتوضح الصحفية والمدربة أحلام مقالح أن المشاكل تتمحور حول قلة الصحفيين الذين يغطون قضايا البيئة والمناخ بسبب تحوّل الإعلام ليصبح مرتبطًا بالسياسة وأخبار الحرب، على الرغم من أهمية صحافة البيئة في الوقت الحالي.

وتواصل أحلام حديثها لـ”أصوات خضراء” قائلة: “يواجه الصحفيون الذين يقررون التخصص في مجال صحافة المناخ العديد من التحديات والصعوبات مثل عدم توفر الإحصائيات الحكومية ونقص المتخصصين وذوي الخبرة في مجال البيئة والمناخ وصعوبة الوصول إليهم. وبالإضافة إلى ذلك، يؤثر الوضع الاقتصادي على الصحفي في اختيار المواضيع الصحفية والبحث عن المواضيع المتعلقة بالسياسة والحرب”.

وتوصي أحلام بأهمية تدريب الصحفيين في تغطية مواضيع التغير المناخي والبيئة. وتشير إلى ضرورة عقد ورش عمل تستهدف الصحفيين وتزويدهم بالمعلومات والإحصائيات وتوفير روابط مع المصادر التي تساعدهم في كتابة تقاريرهم، حيث إن التخصص في هذا المجال غير متوفر بشكل كافٍ.

بالإضافة إلى ذلك، يؤكد مختصون إعلاميون بأنه ينبغي أن تتعاون الحكومة والمؤسسات الإعلامية في اليمن لتعزيز الصحافة الخضراء وتوفير الدعم اللازم للصحفيين العاملين في هذا المجال. يمكن توفير المنح والمساعدات المالية لتمكين الصحفيين من إجراء التحقيقات العميقة والتقارير الشاملة حول قضايا البيئة.

علاوة على ذلك، يمكن للصحفيين اليمنيين أن يستفيدوا من التكنولوجيا ووسائل الإعلام الاجتماعية في تعزيز الصحافة الخضراء. وفقا للخبراء، كما ويمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر المعلومات والتوعية بشأن قضايا البيئة، وتشجيع الحوار والنقاش حول هذه القضايا.

اقرأ أيضاً